أكد فضيلة الشيخ عبدالله النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أن الأخلاق والآداب عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، ومعيار فلاح الشعوب والأفراد ولها الصلة العظمى بعقيدة الأمة ومبادئها، بل إنها التجسيد العملي لقيم الأمة ومبادئها بل إنها التجسيد العملي لقيم الأمة وعلامة على كمال الإيمان وحسن الإسلام.
وأوضح الخطيب أن الأمة الإسلامية تمر اليوم بأزمة أخلاق لم يسبق لها مثيل في تاريخها كله، على مستوى المجتمع والأسرة والفرد، وما ذاك إلا بسبب بعدها عن دينها وعن كتاب ربها الذي وصف أفضل خلقه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ذو خلق عظيم فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍۢ) ولبعدها عن سنة نبيها القائل فيما رواه البخاري ومسلم: (أن خياركم أحاسنكم أخلاقاً) بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حصر مهمة بعثته، وهدف رسالته في إصلاح الأخلاق وتهذيبها بقوله: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
الأخلاق أساس بناء الأسرة وأضاف: إن حسن الخلق ومكارم الأخلاق وانتشارها في التعامل بين الناس لهو أساس بناء الأفراد والأسر، وصلاح الأمم والمجتمعات، فمتى تحلّى الناس بالأخلاق الفاضلة والسجايا الحسنة والآداب السّامية والصِّفات النبيلة، عاش المجتمع في ترابط فريد وتكاتفٍ أكيد، وانشرحت الصُّدور وتيسّرت الأمور.
وقال الشيخ عبد النعمة إن نتكلم عن مكارم الأخلاق التي تضافرت النصوص في كتاب الله بالأمر بها كقوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلْإِحْسَٰنِ وَإِيتَآئِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَٱلْبَغْىِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) نتكلم عن مكارم الأخلاق التي دعت إليها سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ولنا فيه القدوة الحسنة وبذلك جاءت وصيِّته لأبي ذرٍ وغيره فيما رواه الترمذي أنه صلى الله عليه وسلّم قال: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ).
مكارم الأخلاق ضرورة إجتماعية وذكر أن لمكارم الأخلاق أثار في سلوك الفرد والمجتمع وهي ضرورة اجتماعيِّة، لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق التي هي الوسيط لانسجام وتعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى ذلك إلى الانهيار، ثم إلى الدّمار ولك أن تعتبر عبدالله في مجتمع من المجتمعات انعدمت فيه مكارم الأخلاق كيف يكون هذا المجتمع؟ كيف تكون الثِّقة بالعلوم والتربية والمعارف والأخبار لولا فضيلة الصِّدق؟ وكيف يكون التَّعايش بين الناس في أمنٍ واستقرارٍ وحسنِ ظنٍ وأمانٍ لولا فضيلة الأمانة؟ بل كيف سيكون حال المجتمع لولا فضائل مكارم الأخلاق من عدلٍ ورحمةٍ وإحسانٍ، وتضحيةٍ وإيثارٍ؟ ونوه الخطيب بأنه قد دلَّت التجربات الإنسانية والأحداث التَّاريخية، أنَّ ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشُّعوب ملازك لارتقائها في سلم الأخلاق الحسنة "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت...فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..، ولذلك جاءت تعاليم الدين وقيمه بالأمر بالمحافظة على الأخلاق الحسنة في كلِّ أحوال المسلمين صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، أفراداً ومجتمعات، وأسراً وجماعات بل لقد وعد صلوات الله وسلامه عليه صاحب الخلق الحسن بالأجر العظيم، والثواب الجزيل من الله تعالى يوم القيامة فقد روى الترمذي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا).